بسم الله الرحمن الرحيم



بدر الدين محمود بن اسرائيل , رجل دين
كان يتولى منصب قاضي العسكر في جند موسى بن بايزيد , ولد بدر الدين في قلعة
سيماونه في زمن السلطان العثماني مراد الاول .

حفظ القرآن و اخذ العلم و هو صغير و فيما بعد انتقل الى الديار المصرية و
زامل مبارك شاه المنطقي المدرس بالقاهرة ثم حج معه و قرأ بمكة على الشيخ
الزيلعي ..

تتلمذ على يد الشيخ بدر الدين فرج , و هو ابن السلطان برقوق المملوكي.

يقول عبد المنعم الهاشمي في كتابه " الخلافة العثمانية " : " ثم ادركته
الجذبة الالهية , و التجأ الى كشف الشيخ سعيد الاخلاطي الساكن بمصر . و
اصبح مريده .. ثم ارسله الاخلاطي الى بلدة تبريز للارشاد
" الصوفي " .

و عندما التقى بدر الدين بتيمورلنك نال منه مال كثير .

ذهب الى جزيرة ساقز بعد ان دعاة حاكمها النصراني الذي أسلم على يد بدر الدين الصوفي .

بعد ان وصل السلطان محمد الاول الى السلطة حبس الشيخ مع أهله و عياله ببلدة ازنيق .

بدأ بدر الدين الصوفي يدعوا الي مذهبه المنحرف في ازنيق و هو مذهب يدعوا
الى وحدة الوجود و الزهد المطلق و انكار الجنة و النار و يوم القيامة و
الملائكة و الشياطين و على المساواة بين الاديان .
هرب بدر الدين من مكان اقامته الجبري و لجأ الى اسفنديار اوغلو .

كان بدر الدين هذا يقولبقصر الشهادةعلى نصفها الاول أي " لا اله الا الله "
و حذف نصفها الاخر " محمد رسول الله " . و قد خصة اتباعه بالنبوة . .

قاد بدر الدين الصوفي الثورة ضد الدولة العثمانية بهدف امتلاك العالم و
تقسيمه بين مريديه , بقوة العلم و سر التوحيد و ابطال قوانين أهل التقليد و
مذهبهم و تحليل بعض المحرمات .
و قد ساعد ثورته حالة التمزق التي تعيشها الدولة العثمانية .

ساعده في نشر افكاره و مذهبه مريدان له احدهما يهودي و يدعى طرلاق هود كمال
و كان يدعو في جهات أماسيا و الثاني يدعى بيرقليجة مصطفى و كان يدعو في
جهات ازمير .

لقيت هذه الدعوى الصالة تأييدا كبيرا من قبل اليهود و النصارى الذين يعيشون بسلام في كنف الدولة العثمانية .

عندما احس بدر الدين الصوفي بقوة جماعته و اتباعه اعطى الاشارة بالثورة .
بدأ طورلاق مريده اليهودي بالتمرد و اثاره الشغب في مغنيسيا و في الوقت
نفسه بدا مريده الاخر بيرقليجة بجمع الاتباع حوله في منطقة جبل استيلاريوس
عند الطرف الجنوبي من خليج ازمير مغيرا على المناطق المجاورة و ذلك بسماعدة
الصوفية الدراويش .

عندما تمادوا هؤلاء الناس في افسادهم امر السلطان محمد الاول بالتصدي لهم .

حركة بدر الدين الصوفي التي قضت عليها الدولة العثمانية Mehmed_I

السلطان محمد جلبي
و قد اتجه
الاوروبيون الى دعم ثورة هذا المنحرف بدر الدين فتلقى مساعدة من امير
الافلاق فاتخذ من منطقة دلي اورمان في بلغاريا مقرا له لقيادة ثورته .


و قد كانت هذه المنطقة مأوى للباطنية و تعج باتباع بابا اسحق الذي قاد ثورة
باطنية ضد الدولة السلجوقية في منتصف القرن الثامن الهجري.


حركة بدر الدين الصوفي التي قضت عليها الدولة العثمانية Mihai_1600

خريطة لرومانيا تبين فيها منطقة الافلاق باللون الاخضر .

اختار السلطان محمد
الاول الامير سيسمان ابن امير الافلاق الذي اعتنق الاسلام ( الذي كان حين
اذن حاكما لمدينة سامسون ) للقضاء على المتمردين في منطقة ازمير .
لكن سيسمان هزم امام بيرقليجة , حينما امر السلطان بالامر , اعد جيشا
بقيادة الوزير الاول بايزيد باشا .. التقى بايزيد باشا بـ بيرقليجة مصطفى
عند ضواحي ازمير , و هزم بيرقليجة في هذه الموقعة , اعدم بيرقليجة مع عدد
كبير من اتباعه بعد ان اسروا .

بعد هذا النصر توجه الوزير الاول بايزيد شاه بصحبه ولي العهد مراد الثاني نحو مغنيسيا حيث تصدى لطورلاق و قبض عليه و صلبه .

أما السلطان محمد جلبي فقد قاد جيشا كبيرا الى بدر الدين الصوفي في دلي
اورمان و تمكن السلطان من هزيمة بدر الدين الصوفي , فقد اتخذ السلطان من
منطقة سيروز ( الواقعة حاليا في اليونان ) مركزا لقيادته.

اختفى بدر الدين بعد هزيمته , لكن السلطان ارسل الجواسيس للبحث عنه.
اما قصة القبض على بدر الدين , فقد كان له مريدان يدبران كل اموره في الايام الاخيرة . و يرعيان كافة شؤونه حتى حازا على ثقته .
ذات يوم استداعهما ليعرب عنه نيته في السفر الى الافلاق ( رومانيا ) .
احضرا له عربة و جوادين و حملا فيها متاع الشيخ و استبشر الشيخ خيرا و
تفاءل و عندما ركب مع مريديه العربة و نادى الجميع بالسائق : " الى رومانيا
" و بدلا من ان يتوجهه السائق الى الشمال اخذ ينطلق الجنوب باقصى سرعة .
نظر الشيخ الى مريديه و هو فاغر فاه و قال : أنحن على طريق رومانيا ؟؟ . و
كان الجواب : لا يا سيدنا نحن الآن في طريقنا الى معسكر السلطان محمد .

و عندما لقي بدر الدين السلطان قال له : مالي أرى وجهك قد اصفر ؟!
اجابة الشيخ : ان الشمس يا مولاي , تصفر عندما تقترب من الغروب .

أقيمت مناظرة علمية حرة بين الشيخ بدر الدين الصوفي و علماء الدولة الكبار
ثم أقيمت محكمة شرعية , ترك فيها القضاة الكلمة الاخيرة للشيخ بدر الدين
الصوفي ليصدر الحكم الشرعي الذي يراه على نفسه , و أصدر الشيخ بدر الدين
حكمه بنفسه على نفسه , و كان الاعدام .

قال الشيخ حيدر الهروي ( الذي اظن شخصيا انه احد علماء الدولة الكبار
الذين ناظروا بدر الدين الصوفي ) : ان دم الشيخ بدر الدين حلال , أما ماله
فحرام . و لم يمس احد رجال السلطة ماله .

أعدم الشيخ بدر الدين الصوفي شنقا على شجرة في مدينة سيروز .

المصدر : الخلافة العثمانية - عبد المنعم الهاشمي